صلاح ومبابي أشهر ضحايا الاستغلال.. ما شروط وأحكام حقوق الصورة في كرة القدم؟

يحتل بند حقوق صورة الرياضي لا سيما لاعب كرة القدم مكانة خاصة عند تفاوض وكيل أعماله على انتقاله لناد جديد، أو حين مناقشة عرض من إحدى الشركات الراغبة في رعاية ملابسه الرياضية أو لمشاركته في حملة إعلانية.
ولطالما تنتشر أنباء عن حصول لاعبين مشاهير على تعويضات مالية ضخمة من شركات ومؤسسات ربحية استخدمت صورهم دون وجه حق، ودون الرجوع لهم، وقلما ما تنتهي تلك القضايا بحلول ودية كما في حالة نجم ليفربول محمد صلاح مع الاتحاد المصري لكرة القدم.
تعود حادثة محمد صلاح إلى ما قبل شهر من انطلاقة كأس العالم 2018 في روسيا، عندما استغلت الشركة الرعاية للاتحاد المصري لكرة القدم “We” للاتصالات، صورة اللاعب بوضعها على طائرة شركة مصر للطيران التي سيسافر على متنها أعضاء المنتخب المصري قبل وأثناء كأس العالم.
وبعد تدخل وكيل أعمال محمد صلاح، المحامي الكولومبي اللبناني رامي عباس، تمت الاكتفاء بإزالة صورة صلاح من على الطائرة دون تسديد الاتحاد المصري لغرامة مالية أو مواجهة الشركة الراعية لصلاح في ساحات القضاء بناء على طلب اللاعب للحفاظ على استقرار المنتخب.
ماذا تعني حقوق الصورة في كرة القدم؟
يتعين إدراج “بند أخلاقي” في الاتفاق المبرم بين اللاعب والنادي أو اللاعب واتحاد الكرة المحلي لحماية المصالح التجارية والمالية للطرف الآخر. وينص “البند الأخلاقي” عادةً على ما يلي:
1- تلتزم الشخصية الرياضية، طوال فترة سريان هذا الاتفاق، بالتصرف وفقاً لأعلى معايير السلوك المهني والانضباطي والشخصي ولا يجوز أن يصدر عنها فعل أو قول أو تصريح بفعل أو قول قد ينطوي على إساءة مباشرة أو غير مباشرة، من وجهة نظر الشركة، لسمعة الشركة أو صورتها أو شهرتها أو سمعة أو صورة أو شهرة أي شركة مرتبطة بها.
2- وا يجوز للشخصية الرياضية، طوال فترة سريان الاتفاق، التصرف بطريقة قد تعتبرها الشركة مخلة بالآداب أو الأخلاق أو المهنية أو تجعل الشركة أو أي من الشركات المرتبطة بها محل سخرية عامة أو تشهير أو إهانة، ولا يجوز للشخصية الرياضية أن يكون موضع فضيحة عامة.”
3- ينبغي للشخص الرياضي أن يطلب أيضاً من الطرف الآخر التصرف بطريقة مسؤولة ومهنية، لا سيما فيما يتعلق بإنتاج السلع التي قد تظهر عليها صورة الشخص الرياضي مثل إنتاج الأحذية الرياضية والملابس التي أقرها الشخص الرياضي فيما يُعرف باسم “الورش المجحفة” في الشرق الأقصى. وقد وُضعت هذه الأحكام لحماية شهرة الشخصية الرياضية وسمعتها التي تدعم علامتها التجارية.
وقد يؤدي انتهاك أي أحكام، وفقاً لخطورة ذلك الانتهاك، لفسخ الاتفاق.
وتعدّ حقوق الصور الرياضية أصول قيمة للغاية. ولأنها تنطوي على العديد من العناصر المالية والرياضية، يتعين الاستعانة بخبير لضمان أنها محمية قانوناً. وتوجد العديد من الفخاخ لعديمي الخبرة أو ذوي الخبرة القليلة.
وشرح المحامي الائتماني الناشط في الأوساط الرياضية ديدييه بولمير لوكالة فرانس برس ماهية وقانون حقوق الصورة في كرة القدم العالمية.

قال ديدييه بولمير “موضوع حقوق الصورة هو في صميم عالم الرياضة. المادة أل 222-2-10-1 من قانون الرياضة التي تسمح أيضًا الدفع للاعبين بحقوق الصورة، لا تنطبق للأسف على العلاقات بين الاتحادات الرياضية ولاعبي المنتخبات، وتبقى العلاقات بين الاتحاد الفرنسي لكرة القدم ومبابي خاضعة لإبرام عقد محدّد”.
ودافع وكيل المباريات والرياضيين، السيد غايل ماهيه، لوكالة فرانس برس عن حقوق نجم منتخب فرنسا كيليان مبابي بسبب مطالبته بمبالغ مالية من الاتحاد الفرنسي نظراً لاستغلال صورته في أمور ترويجية تخص المنتخب.
وقال غايل ماهيه “احذروا سوء التفاهم.. مبابي ومحيطه يطالبون فقط بحق المراجعة، ولا يشككون في حقوق الصورة مع المنتخب الفرنسي، فقط رفض بعض الأنشطة غير المناسبة لقيمته”.
ويعتبر الوكيل أن هذا الكباش التجاري يؤذي صورة اللاعب.. المتضرّر من موقف يظهره يطالب أكثر من باقي اللاعبين، حتى ولو أن المال لن يعود له.
ويبدو الموضوع هاماً بالنسبة لبطل العالم 2018، المطارد من أبرز العلامات التجارية مع الاقتراب من مونديال 2026.
ما سبب غضب فرنسا من مبابي؟
قال رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم نويل لو غريت في حديث سابق لصحيفة ليكيب منزعجاً من تصرفات مبابي والمحيطين به “إذا لم يقبل بسير العمل لن يحصل على المال، هذا كل شيء”.

تطرّق لوغريت إلى رفض مبابي المشاركة في حدث ترويجي للمنتخب الفرنسي، وبرّرت والدة مبابي ووكيلة أعماله فايزة العماري هذا الأمر بمحاولة تغيير الأمور فيما طالبت منذ سنوات بإعادة مناقشة الاتفاقية حول حقوق الصورة.
ويشرح محيط اللاعب أنه إذا أراد المزيد، فلن يكون ذلك لجيبه الخاص بل لإعادة توزيعه بالكامل لمصلحة كرة القدم للهواة.
منذ قانون “برايّار” الذي يحدّد مكافآت لاعبي منتخب فرنسا، يحصد اللاعب 25 ألف يورو في المباراة الواحدة عن حقوق الصورة.
ويطالب معظم الرعاة مبابي من بين اللاعبين الخمسة الضروريين لبدء تفعيل حقوق الصورة الجماعية. تحصل بعض الانتهاكات، على غرار أحد رعاة المنتخب الأزرق الذي استخدم مجسما من الكرتون بالحجم الطبيعي لمبابي مع أربعة لاعبين بجانبه للوصل إلى عدد الخمسة.
هل تعالج قضية مبابي القصور؟
أشار ديديه بولمير المحامي الائتماني خلال حديثه مع فرانس بريس إلى أن قضية مبابي ستعالج القصور الموجود في كرة القدم الفرنسية، بقوله “لوكلاء مبابي الحق طبعاً بالدفاع عن حقوق صورته، لكن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم من جهته محق بالحفاظ على نهج متجانس للموضوع”.

لكن بالنسبة للمحامي فإن هذه المشكلة الظاهرة هي في الواقع فرصة للرياضة الفرنسية، لتطوير العلاقات بين الاتحاد الفرنسي واللاعبين لنقلهم إلى العصر الحديث، عصر تيك توك وأن أف تي.
لم يرق لمحيط اللاعب نقل القضية إلى الرأي العام ولا حتى توقيت مداخلة لوغريت. لكن مسألة حقوق صورة مبابي انتقلت إلى إسبانيا، حيث عنونت الصحف خبر قدوم مبابي إلى مدريد وتواجده في أحد المطاعم مع زميله في سان جيرمان الظهير المغربي الدولي أشرف حكيمي.
وبحسب صحيفة “إل باييس” الإسبانية في منتصف مارس 2024، بعد إقصاء سان جيرمان على يد ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، قدّم ريال عرضاً جديداً لمبابي بقيمة 180 مليون يورو مكافأة توقيع وراتب سنوي صاف بقيمة 40 مليون يورو (وهي أرقام اعتبرها خيالية محيط اللاعب وسان جيرمان)، بالاضافة إلى 50% من حقوق صورته على غرار باقي لاعبيه، وكان ريال مدريد تفاوض فيما بعد على نسبة 60-40 لمصلحة مبابي بغية إقناع النجم بالانضمام وهو ما نجح فيه خلال الميركاتو الصيفي من نفس السنة.