قوانين كرة القدم

ما السبب الحقيقي لانذار اللاعب عند الاحتفال بخلع قميصه؟

سؤال يطرح نفسه دائماً بعد تلقى أي لاعب للبطاقة الصفراء بسبب خلع القميص للاحتفال بتسجيل هدف، لدرجة أن معظم البطاقات التي تحصل عليها اللاعب المصري محمد صلاح، كان لهذا السبب، حاله كحال كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي بسبب كثرة أهدافهم المؤثرة.

انتشر هذا السؤال في مواقع التواصل الاجتماعي بصورة غير مسبوقة بين الجمهور المصري، على وقع بطاقة صفراء تحصل عليها نجم ليفربول محمد صلاح في مباراة بالدوري الانجليزي يوم الأحد 19 يناير 2020، بعدما خلع قميصه احتفالاً بهدف سجله في الدقيقة الثالثة من الوقت المحُتسب بدل من ضائع أمام مانشستر يونايتد.

لم يجد محمد صلاح أفضل من تلك الوسيلة للتعبير عن فرحته العارمة، حيث لم يسجل من قبل أي هدف في تاريخ مواجهاته أمام مانشستر يونايتد، سواء على ملعب أولد ترافورد أو آنفيلد روود، لكن ذلك الهدف كان مفتاحه لتسجيل أكثر من 10 أهداف فيما بعد.

يرى الكثيرون أن هذا التصرف غير مشين تماماً، بالتالي لا يتعارض مع السلوك الرياضي العام، ما دفعهم حول التساؤل بشكل عام عن الداعي وراء اتخاذ قرار الإنذار ضد اللاعب المحتفل دون قميص؟

كما كان التساؤل آنذاك ولا يزال حتى يومنا هذا عن سر إصرار الإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” على تطبيق هذا القانون الذي يعرقل الكثير من الاحتفالات الحماسية للاعبين؟

ما سبب ابتكار فيفا للقانون؟

في موسم 2003/2002 حدثت واقعة غريبة في الملاعب الإنجليزية كان بطلها النجم الأوروجواياني دييجو فورلان الذي كان يلعب في صفوف فريق مانشستر يونايتد آنذاك.

دييغو فورلان وجيمس بيتي في مباراة مانشستر يونايتد وساوثهامبتون عام 2003
دييغو فورلان وجيمس بيتي في مباراة مانشستر يونايتد وساوثهامبتون عام 2003

بعد تسجيل فورلان هدف في مباراة كانت تجمع بين مانشستر يونايتد وساوثهامبتون قام المهاجم الأوروجواياني بخلع قميصه إحتفالًا بالهدف. ليس هذا غريبًا، الغريب حقًا ما هو قادم؛ قام حكم المباراة باستئناف اللعب قبل أن يرتدي فورلان قميصه مرة أخرى، دييجو كان مضطرًا لاستئناف اللعب عاريًا وهو يمسك قميصه ولم يستطع ارتدائه إلا بعد أول توقف للعب.

وفي الأول من يوليو عام 2004 قامت اللجنة التنفيذية للإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بوضع قاعدة في لائحة القوانين المنظمة للعبة والتي: “تقضي بأن كل لاعب سيخلع قميصه عقب تسجيل هدف سوف يحصل على انذار لسوء السلوك”.

جيروم فالكه يعتمد القرار قبل IFAB

فسر فيفا هذا القرار بحجة تجنب إهدار وقت المباراة، وحظر نشر الرسائل من خلال الأقمصة الداخلية للاعبين، سواء كانت سياسية أو شخصية، قبل حتى عرض مشروع القانون على هيئة تشريع قوانين كرة القدم البريطانية IFAB التي وافقت عليه فيما بعد.

كان يُعتقد في البداية أن السبب في إصدار هذا القانون هو المهاجم الأوروغواياني دييغو فورلان، خصوصًا وأن القرار صُدر بعد هذه الواقعة بوقت قصير.

جيروم فالكه سكرتير الفيفا في كأس العالم 2018 (صور: Getty)
جيروم فالكه سكرتير الفيفا في كأس العالم 2018 (صور: Getty)

لكن الحقيقة مغايرة لذلك تمامًا، فهناك شخص واحد داخل الفيفا هو من أصر على وضع هذا القانون ولأسباب أخرى غير المذكورة في نص القاعدة.

هذا الشخص كان الفرنسي “جيروم فالكه” والذي كان يعمل كمشرف على التسويق التلفزيوني والتجاري للبطولات التي تنظمها الفيفا، وهو من اقترح على جوزيف بلاتر –رئيس الفيفا آنذاك- وضع هذا القانون.

فيفا يرضخ لضغط الشركات والمعلنين

السبب وراء اقتراح فالكه؛ أن الشركات الراعية للأندية والمنتخبات التي تضع علامتها التجارية على القمصان كانت تتضرر كثيراً من الأقمصة الداخلية والإعلانات على السراويل، ما كان يهدد فيفا بخسارة عقود رعاية وتسويق.

وتتركز عدسات المصورين على اللاعب الذي يحرز الهدف مباشرة، وهو ما تعتبره الشركات الراعية فرصة عظيمة لظهور علامتها التجارية بوضوح على الشاشات وفي لقطات الصحف.

بينما إذا قام لاعب ما بخلع قميصه، فإنه بذلك يحرم الشركات المعلنة من ظهور علاماتها التجارية الخاصة أمام وسائل الإعلام وعدسات المصورين الذين يتواجدون خلف المرمى، وهو ما تم اعتباره انتقاصًا لحقوقهم.

بالتالي فإن هذا القانون تم تطبيقه من قبل فيفا فقط من أجل اعتبارات إعلانية وتجارية بحتة تتعلق بحقوق الرعاية والتسويق، وليس لأسباب تخص السلوك الرياضي والأخلاقي كما ادعى الاتحاد الدولي لكرة القدم.

كريستيانو رونالدو - استعراض العضلات يؤدي لبطاقة صفراء في كرة القدم
كريستيانو رونالدو – استعراض العضلات يؤدي لبطاقة صفراء في كرة القدم

ومع ذلك لم يتوقف عدد من نجوم المستديرة عن الاحتفال بخلع قمصانهم أثناء الاحتفال بالأهداف في كبرى دوريات العالم، وبعضهم تعرض للطرد لسابق حصوله على بطاقة صفراء خلال سير اللعب.

والبعض الآخر تحدى أفكار الفيفا مثلما فعل أسطورة منتخب مصر “محمد أبو تريكة” بعدما قام بإشهار قميص داخلي في كأس أمم أفريقيا 2008 حمل عبارة “تعاطفًا مع غزة” فور تسجيله لهدف أمام السودان بدور المجموعات.

وكرر التصرف نفسه نجم إشبيلية “فريدريك عمر كانوتيه” في مباراة من مباريات الليجا الإسبانية، لكنه كتب على القميص الداخلي “فلسطين” باللغة العربية.

أحمد حمدي

كاتب رياضي مصري ، عمل في موقع ميركاتو داي وإكسترا كورة في الفترة من 2019 إلى 2024، ويعمل حالياً في تأسيس موقع VARcheck.
زر الذهاب إلى الأعلى